الخميس، 21 أغسطس 2008

روسيا تتجاهل تقييد حلف الأطلسي للعلاقات معها

بروكسل (رويترز) - الخطوة التي اتخذها حلف شمال الأطلسي للحد من الاتصالات المعتادة مع روسيا بسبب ممارساتها في جورجيا ستحرم الجانبين من قناة حيوية للتعاون الأمني لكن موسكو ليست في حالة مزاجية تسمح باعارة الكثير من الاهتمام في الوقت الحالي.

ويخشى محللون من أن تذهب الجهود المشتركة بشأن الحرب في افغانستان ومكافحة الارهاب ومجالات أخرى أدراج الرياح اذا فترت العلاقات بين حلف الاطلسي وروسيا وهو ما سيضر الجميع.

والعقاب الذي أقره الحلف في بروكسل يوم الثلاثاء ربما يهدف الى تحريك الامور من أجل انسحاب روسي سريع من جورجيا ومنع اي توغل مستقبلي لكن يبدو من المستبعد أن يثير قلق الكرملين الذي يبدو أنه عقد العزم على اتباع سياسة خارجية اكثر جرأة.

وقال كريستوفر لانجتون خبير الشؤون الروسية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن "لا أعتقد أن الروس يعيرون أي اهتمام. في حالتهم الذهنية الحالية من المرجح أن يتخذوا موقفا متشددا تجاه حلف الاطلسي."

واتسم رد فعل روسيا الفوري بالحدة واللامبالاة ازاء تجميد الاجتماعات العادية بين الحلف وروسيا فضلا عن وعد الحلف برفع مستوى علاقاته مع جورجيا.

وفي موسكو اتهم وزير الخارجية سيرجي لافروف حلف الاطلسي بالانحياز في سعيه الى دعم "نظام اجرامي" في تفليس. غير أن مندوبها بالحلف سخر من واشنطن ومؤيديها داخل التحالف العسكري لفشلهم في اصدار رد فعل اكثر قوة.

وقال السفير ديمتري روجوزين على هامش محادثات بروكسل "تمخض الجبل فولد فأرا."

وحتى عندما عادت الشاحنات العسكرية الروسية من جورجيا الى روسيا يوم الاربعاء لم تكن هناك أي علامات على انسحاب كامل وسريع وهو ما طالبت به وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس وزعماء اخرون بحلف الاطلسي يوم الثلاثاء.

وكان من المتوقع دائما ان يكون رد فعل الحلف محدودا.

ولم يتحدث اي أحد بحلف الاطلسي صراحة عن خوض حرب من أجل الدولة الصغيرة الواقعة بمنطقة القوقاز والشيء الوحيد الذي استرعى انتباه موسكو وهو الاسراع من خطوات ضم جورجيا واوكرانيا لعضوية الحلف تعوقه المانيا ودول أخرى.

وكان دور روسيا كمورد رئيسي للطاقة الى اوروبا وعضو اساسي بمجلس الامن الدولي في الدبلوماسية مع ايران وغيرها عاملا في اختيار ألفاظ بيان حلف الاطلسي بعناية.

والنتيجة هي أنه لن تعقد اجتماعات لمجلس حلف الاطلسي وروسيا الذي أنشيء قبل ست سنوات الى أن تسحب موسكو قواتها من جورجيا وتنفذ الخطة التي توسطت فرنسا لوضعها لانهاء الصراع.

لكن كثيرين ما زالوا يشكون فيما اذا كانت موسكو ستلقي بالا في نهاية المطاف لتجميد كيان أنشيء بدعوة من حلف شمال الاطلسي وقاد عدة مشروعات مشتركة دون التوصل الى تقارب حقيقي بين خصمي الحرب الباردة.

وقال رادوسلاف سيكورسكي وزير خارجية بولندا الذي يدعم بشدة طموحات جورجيا بالانضمام لحلف الاطلسي لرويترز "اذا كان هذا عاملا اخر تضعه روسيا في الاعتبار عند اتخاذ قرارها بالانسحاب... سأشعر بالرضى حينئذ."

لكنه أضاف "يتوقف هذا على النتيجة لاننا كما نعلم روسيا تسيطر على الوضع على الارض."

وقال دبلوماسي غربي باجتماع حلف الاطلسي ان هناك مخاوف بين البعض هناك من أن قطع الاتصالات مع روسيا يمكن أن يضر بالحلفاء بقدر ما سيضر بموسكو.

وحتى الان لم تثر موسكو شكوكا بشأن اتفاقية لاستخدام أراضي روسيا كنقطة عبور للمعدات اللازمة للحرب التي يقودها حلف الاطلسي في أفغانستان او العمل المشترك لمكافحة تجارة الافيون الافغانية الهائلة وهما مشروعان حيويان بالنسبة للحرب التي يقودها الحلف هناك.

لكن من اوائل الضحايا لهذا الخلاف دعم روسيا لدوريات حلف الاطلسي متعددة الجنسيات لمكافحة الارهاب في البحر المتوسط اذ أعلن الحلف الاسبوع الماضي أن السفينة (لادني) وهي سفينة دورية بالبحر الاسود ستمنع من المشاركة في التدريبات.

غير أن محللين يحذرون من المبالغة في تقدير قوة روسيا ويعتقدون أن نفوذ الغرب قد يزيد على مدار الوقت.

وسيترك الخلاف مع الغرب الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في مواجهة معركة شاقة لتطبيق أهداف السياسة الخارجية مثل خطته الطموحة لوضع اطار عمل جديد للامن الاوروبي وهو الهدف الذي يتطلب اتصالات وثيقة مع حلف الاطلسي لا محالة.

وقال هانز هينينج شرودر من المعهد الالماني للشؤون الدولية والامنية "(تأثير الحلف) محدود لكنه ليس غير فعال. ويرجع أحد الاسباب الى أن السياسة الخارجية الروسية تعاني حالة من الفوضى في الوقت الحالي."

وأشار شرودر الى أن الخطوة التي اتخذتها بولندا في أوج الازمة الجورجية بتوقيع اتفاق للدفاع الصاروخي تعثر طويلا مع الولايات المتحدة هزيمة لموسكو التي كانت دائمة الشكوى من هذه الخطة لسنوات.

ومضى يقول "بمجرد أن تهدأ الامور في غضون شهرين او ثلاثة سيحاول الناس أن تعود الحياة الى طبيعتها. في هذا السياق أرسل حلف الاطلسي اشارة واضحة."

لكن اخرين كانوا أقل تفاؤلا وجادلوا بأن روسيا ستواصل معاداة الغرب على الرغم من العواقب.

وأضاف لانجتون من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن "أخشى ما أخشاه تنحية الكثير من الاسلوب العملي في معالجة الامور جانبا."

من مارك جون

ليست هناك تعليقات: