السبت، 30 أغسطس 2008

جورجيا.. القشة التي قصمت ظهر البعير لروسيا

موسكو (رويترز) - يفسر شعور قوي بأن الغرب حرم موسكو من تحسن في العلاقات كان وعدها به بعد الحرب الباردة الدافع وراء رفض روسيا أن يتم تهديدها بسبب جورجيا ومطالبتها بأن يتم الاستماع لوجهة نظرها.

وعلق مسؤول بالكرملين قائلا "كان من الممكن أن تكون جورجيا او شيء اخر لكن كان هناك موقف يمكن وصفه بالقشة التي قصمت ظهر البعير في انتظار الحدوث."

وتابع "لا يمكن أن ننسحب بابتسامة على وجوهنا الى الابد."

وأشعل الرد العسكري الروسي على محاولة جورجيا استعادة السيطرة على اقليمي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا الانفصاليين اللذين تدعمهما موسكو واعتراف روسيا لاحقا باستقلالهما التكهنات الغربية بأن امبراطورية سوفيتية ولدت من جديد وبدأت ترد.

لكن الامور تبدو مختلفة تماما من وجهة نظر موسكو المحبطة مما تعتبره اخفاقا من الغرب في وضع العلاقات على قدم المساواة معها ومحاولاته احاطة موسكو بحاجز واق جديد.

ويرجع شعور المرارة الى عام 1990 حين وافق الرئيس الاصلاحي السوفيتي ميخائيل جورباتشوف الذي كان حريصا على بدء عهد جديد في العلاقات مع الغرب على سحب قوات من المانيا الشرقية سابقا واعطاء الضوء الاخضر لتوحيد المانيا.

وتقول روسيا ان حلف شمال الاطلسي خلف وعدا مهما.

وقال دبلوماسي روسي بارز شارك في المحادثات "شرط موسكو الوحيد كان ألا ينشر حلف الاطلسي قوات في المانيا الشرقية... قطع الوعد لكن سرعان ما نسي."

ويعترض بعض مسؤولي حلف شمال الاطلسي على هذا قائلين انه لم تقطع أي وعود.

وفي الاعوام التالية توترت العلاقات مع الغرب بدرجة اكبر حين أعطى حلف الاطلسي عضويته لدول كانت خاضعة لسيطرة الاتحاد السوفيتي السابق في شرق اوروبا فضلا عن جمهوريات البلطيق السوفيتية السابقة لاتفيا واستونيا وليتوانيا.

ومنذ ذلك الحين أصبحت بولندا ودول البلطيق منتقدين لروسيا داخل الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وفي عام 1999 احتجت روسيا هباء على قصف حلف الاطلسي لبلجراد في حملة عسكرية قادت الغرب في نهاية المطاف الى الاعتراف باستقلال اقليم كوسوفو عن صربيا في وقت سابق من هذا العام.

وشكا مسؤولون روس بارزون من أن التعاون بين موسكو والغرب في قضايا عالمية أساسية مثل الحرب ضد الارهاب وافغانستان وايران وكوريا الشمالية لم يترجم الى تغير نوعي في العلاقات.

وصرح رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين -الذي كان رئيسا لروسيا لثماني سنوات حتى مايو ايار الماضي- ذات يوم للصحفيين بأن "هناك شعورا بأن الغرب يعامل روسيا على أنها الخاسر في الحرب الباردة ويجب أن تلعب وفقا لقواعد الفائزين."

وفي التسعينات حين كان الاقتصاد الروسي في حالة سيئة أخفت موسكو كبرياءها. لكن في الاعوام الثمانية الاخيرة سمحت طفرة اقتصادية لروسيا التي نهضت من جديد بلعب دور اكثر ثقة في الاقتصاد العالمي والدبلوماسية الدولية.

وقررت روسيا وهي مورد رئيسي للطاقة لاوروبا ومكان مربح للاستثمار أن لديها ما يكفي من الميزات والموارد للحديث بنبرة مختلفة.

ولم يلحظ الغرب هذا التغير.

وحث بوتين وخليفته ديمتري ميدفيديف الغرب على معاملة روسيا كشريك مساو في سياق اوروبي اوسع نطاقا ومراجعة الترتيبات الامنية التي تضع مصالحها في الاعتبار.

لكن موسكو تقول ان الاحتجاجات الروسية نحيت جانبا مجددا حين قررت واشنطن نشر أجزاء من نظام الدرع الصاروخية الخاص بها في شرق اوروبا.

ونظرت موسكو الى هذه الخطوة على أنها تهديد مباشر لأمنها على الرغم من اصرار الولايات المتحدة على أن المشروع يهدف الى صد اي هجوم محتمل من جانب ايران ولا يمثل اي تهديد سياسي او عسكري لروسيا.

كما ضغطت الولايات المتحدة بشدة لمنح عضوية حلف الاطلسي لجورجيا واوكرانيا الامر الذي يثير استياء روسيا بسبب العلاقات التاريخية العميقة التي تربطها بالبلدين اللذين تشترك معهما في حدود مباشرة.

وأرسلت روسيا عدة اشارات تفيد بأن صبرها بدأ ينفد لكن الغرب نحى جانبا كلمة شديدة اللهجة ألقاها بوتين في ميونيخ عام 2007 باعتبارها من قبيل الخطابة وحسب.

وعلى نفس المنوال لم يصدر الغرب اي رد فعل على طلقات تحذيرية أخرى أطلقتها موسكو مثل استئناف الطلعات الجوية بقاذفاتها الاستراتيجية فوق المحيط الاطلسي وتجميد التزامات موسكو بموجب اتفاق رئيسي يحد من الاسلحة التقليدية في اوروبا.

وأوضح تدخل روسيا في جورجيا أن موسكو وضعت أخيرا خطا احمر.

وقال ديمتري روجوزين مندوب روسيا بحلف شمال الاطلسي ان "الاتفاق الودي لم ينجح" مشيرا الى اتفاقات بين بريطانيا وفرنسا وقعت في اوائل القرن العشرين وأنهت عقودا من العداء والصراع.

وأضاف "يجب أن تكون العلاقات الان عملية."

وتابع قائلا "الاداء الجيد الذي أظهره جيشنا في اوسيتيا أذهل شركاءنا بالفعل... يجب أن نفعل كل شيء للحفاظ على هذا الانطباع وانهاء الى الابد أي اغراء لشركائنا لحل أي مشاكل بالقوة."

من اوليج شيدروف

ليست هناك تعليقات: