الاثنين، 29 سبتمبر 2008

أزمة الغذاء تهدد حملة كسب "العقول والقلوب" بأفغانستان

كابول (رويترز) - محمد نبي هو نموذج للمواطن الأفغاني.. فهو مزارع حوصر يوما من حركة طالبان ثم من الجفاف وفر بعد ذلك الى المدينة ويشكو الآن من ارتفاع أسعار الغذاء الذي يلقي باللائمة فيه على الحكومة التي صوت لصالحها.

ويتردد صدى كفاحه من أجل لقمة العيش وتوفير الغذاء لأسرته في شتى أنحاء هذا البلد وقد يقوض حملة كسب "القلوب والعقول" التي تقوم بها حكومة الرئيس حامد كرزاي المدعومة من الغرب لكسب تأييد الافغان مع تصاعد المعركة مع تمرد تشنه حركة طالبان.

وقال نبي الذي ذكر انه يبلغ من العمر 35 عاما "لا أرى أي تحسن منذ قدوم الامريكيين." كان يقف بجوار عربة يد تمكنه من كسب قوته بشق الأنفس من خلال بيع بضائع في الحي القديم بالعاصمة.

واضاف نبي وهو العائل الرئيسي لاسرة من تسعة أفراد ويكسب ما يعادل نحو دولارين في اليوم "أدليت بصوتي لصالح كرزاي لكن ذلك كان مضيعة للوقت...انني جائع الآن."

وتواجه أفغانستان واحدة من أسوأ موجات نقص الغذاء منذ سنوات مع اقتراب الشتاء وارتفاع أسعار القمح وهو سلعة أساسية بنسبة 60 بالمئة في النصف الاول من العام بسبب حظر باكستان التصدير وضعف المحصول والجفاف.

ويضرب ارتفاع الأسعار أفغانستان وهي بالفعل إحدى أفقر دول العالم ويعيش أكثر من نصف سكانها تحت خط الفقر.

ويقول برنامج الاغذية العالمي ان الأُسر التي تعتمد على أجور عمالة يمكنها تحمل تكاليف شراء ربع ما كانت تشتريه من القمح في عام 2007 وذلك في بلد ينفق فيه معظم دخل الأُسر على سلع غذائية أساسية مثل الحبوب.

وزادت الازمة من الصعوبات أمام كرزاي الذي يواجه بالفعل تصاعدا في تمرد حركة طالبان بجنوب وشرق البلاد. وتواجه حكومته انتقادات في مناطق كثيرة بسبب اعتمادها في الحكم على مسؤولين فاسدين.

وقال أحمد والي كرزاي شقيق الرئيس ورئيس المجلس المحلي لمدينة قندهار وهي المدينة الرئيسية بجنوب البلاد "تشهد حدوث عمليات خطف على طول الطريق السريع (بين كابول والجنوب).

"الهجمات تقع بانتظام. اسباب ذلك كله هو نقص الوظائف وضعف الاقتصاد وارتفاع اسعار الغذاء."

ووجه ارتفاع أسعار الغذاء في شتى أنحاء البلاد ضربة أخرى للافغان المصابين بالفعل بخيبة أمل بسبب ما يرون أنه بطء معدل التنمية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2001 والذي أطاح بحركة طالبان.

وقالت ماريا كوسيستو من مجموعة يوراسيا المتخصصة في تقديم الاستشارات بشأن المخاطر "تزايدت خيبة أمل الناس في حكومة كرزاي. تحاول طالبان الاستفادة من ذلك.. لا سيما في مناطق ليست ( الحكومة) قوية عسكريا فيها."

ونظرا لاعتمادها على واردات الغذاء والمساعدات فقد أضر ارتفاع اسعار الغذاء العالمية بأفغانستان أكثر من دول أخرى كثيرة.

ودفعت القيود التي فرضتها باكستان على الصادرات وهي المصدر الرئيسي لواردات الغذاء لافغانستان الاسعار الى الصعود رغم بعض الاستقرار خلال الشهرين الماضيين.

وقال محمد غني (33 عاما) في اقليم هرات بغرب البلاد حيث يعيش منذ ثلاث سنوات بعد عودته من ايران كلاجيء "تضم أسرتي خمسة أفراد .. لكن لا يمكننا تحمل شراء وجبة كاملة ولو مرة واحدة في اليوم.

"أعتقد أنه من أجل بقائهم .. قد ألجأ الى أي شيء.. السرقة والخطف وحتى الانضمام الى طالبان."

ويقول برنامج الاغذية العالمي ان مناشدة لتقديم مساعدات غذائية طارئة بقيمة 400 مليون دولار يتوقع أن توفر الغذاء لأغلب الافغان خلال الشتاء حيث يمكن ان تُعزل مئات القرى عن العالم الخارجي.

لكن أسعار السلع الأساسية لن تتراجع.

وقال البرنامج في تقريره نصف السنوي "للاسف التوقعات بالنسبة لبقية العام لا تبعث على التفاؤل.

"يتوقع أن تظل أسعار الغذاء في افغانستان عند مستويات أعلى بكثير مما كانت عليه في السنوات الماضية.. في حين تواجه الدولة مجددا ضعفا شديدا في محصول الحبوب."

وفي سوق باغ قاضي وهي سوق الجملة الرئيسي في العاصمة كابول يلقي التجار باللائمة على مسؤولين وضباط شرطة فاسدين في ارتفاع تكاليف النقل من الجنوب.

وقال أحد تجار الجملة ويدعى محمد حسن "الكل يبتز. لا يوجد أمن."

وأثار التمرد بالفعل مخاوف من أن أغلب مناطق جنوب وشرق البلاد قد تخرج عن سيطرة الحكومة.

وفي حين أن أغلب القرويين لن يموتوا من الجوع بفضل المساعدات الغذائية الا أن المصاعب قد تدفعهم الى معارضة الحكومة.

وفي مدينة قندهار الجنوبية يقول سكان ان طالبان تستغل ارتفاع اسعار الغذاء ونقص الوظائف الى جانب عمليات القصف التي تنفذها قوات التحالف لاقناع الناس بالانضمام الى الحركة.

وقال ودير صافي استاذ العلوم السياسية بجامعة كابول وهو وزير سابق "ستستغل طالبان نقص الغذاء.

"ينظرون الينا.. يحللون أوضاعنا.. يبحثون عن وسائل لاستغلال مشكلاتنا. اذا حل الشتاء وحدث نقص في الغذاء.. سيكون الامر أكثر سهولة بالنسبة لهم لتجنيد اشخاص."

وعبر كرزاي نفسه عن مخاوفه خلال قمة لدول جنوب اسيا قبل نحو شهرين من أن ارتفاع اسعار الغذاء يمثل مشكلة رئيسية لبلاده.

وقال "ارتفاع أسعار الغذاء يعرض للخطر الاصلاحات واستراتيجيات النمو والاهم من ذلك الارواح."

وحتى في أحياء الطبقة المتوسطة في كابول هناك غضب بسبب ارتفاع الاسعار. وعبر البعض عن حنينه الى الحياة تحت الحكم السوفيتي بعد الغزو عام 1979 رغم كراهيتهم للاحتلال في حد ذاته.

وقال جان اغا الذي يعمل في حوض سباحة بنته روسيا ولا يزال يعمل حتى الان "الجنود الامريكيون هنا لكن لا يوجد غذاء أو سلام. عندما كان الروس هنا كان الغذاء أرخص."

ويشعر أفغان اخرون بالقلق بشأن مدى ما يمكنهم تحمله.

وقال عبد المتين وهو صاحب متجر في اقليم بدخشان في شمال شرق البلاد "الامر يزداد صعوبة بالفعل مع مرور الوقت. الناس جائعون وغاضبون.. والجوعى يمكنهم فعل أي شيء.

"الناس يفقدون الامل في الحكومة وفي الاجانب. لا أعلم ماذا سيحدث.. لكنه لا يبدو جيدا."

من اليستير سكراتون

ليست هناك تعليقات: