الأحد، 26 أكتوبر 2008

باكستان تحيي الميليشيات القبلية ومخاوف من رد الفعل

بيشاور (باكستان) (رويترز) - تشجع السلطات الباكستانية رجال قبائل البشتون على الحدود الافغانية على احياء الميليشيات التقليدية لمواجهة التشدد الاسلامي المتزايد لكن محللين يخشون من أن هذه الخطوة قد تأتي برد فعل عكسي اذا لم يتم التعامل معها كما يجب.

وبموجب عرف يرجع الى قرون مضت تشكل قبائل البشتون ميليشيات تعرف "بالعسكر" في مناطقها التي تتمتع بشبه حكم ذاتي لمكافحة العصابات الاجرامية وتطبيق الاعراف القبلية.

وتقع باكستان حليف الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة ومقاتلي حركة طالبان تحت ضغط أمريكي هائل للقضاء على مقاتلي طالبان والقاعدة المسؤولين عن اشعال العنف في أفغانستان وباكستان.

وأرسل الجيش الباكستاني اكثر من 80 الف جندي الى أراضي البشتون بشمال غرب البلاد فضلا عن الحدود الافغانية وشن هجمات في منطقتين في اغسطس آب.

وتسعى السلطات الآن الى مقاربة مع رجال القبائل المستقلين والذين يحملون السلاح كرمز للشرف ليجمعوا "العسكر" من أجل تعزيز جهود الجيش.

وقال ميان افتخار حسين وزير اعلام الاقليم الحدودي الشمالي الغربي "الآن نهض البشتون أنفسهم ضد هؤلاء الذين حولوا حياتهم الى جحيم."

وأضاف لرويترز "لا يمكن أن يواجه تهديد المسلحين دون دعم الناس. يجب أن ينظم هؤلاء الناس ونحن ندعم أي خطوة من هذا النوع."

وذكر مسؤولون باكستانيون أنهم يعتزمون امداد الالاف من رجال القبائل بالبنادق لمكافحة المسلحين.

وتشبه استراتيجية دعم الميليشيات القبلية لطرد المسلحين مجالس الصحوة بالعراق حيث نهض رجال قبائل سنة ضد مقاتلي القاعدة وطردوهم من أحيائهم بغير مساعدة من الجيش الامريكي.

وصرح مسؤولون في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) بأن ضباطا بالجيش الامريكي أيدوا منذ بعض الوقت وضع خطة مماثلة لباكستان. وقال مسؤول بارز بالجيش "هذا المفهوم محل ترحيب."

وجرى الشهر الماضي تنظيم العسكر وقوامهم نحو ثلاثة الاف رجل في منطقة باجور وهي ملاذ للمتشددين أطلقت قوات الامن فيه عملية كبيرة في أغسطس آب.

وبدأ العسكر التحرك ضد المسلحين في وقت سابق هذا الشهر حيث هدموا منازل الكثير من المسلحين بما في ذلك منزل مولوي عمر المتحدث باسم حركة طالبان الباكستانية.

وقال مالك باشا زين وهو شيخ قبيلة موال للحكومة ان العديد من المناطق تم اخلاؤها من المسلحين.

وقال بالهاتف لرويترز من باجور "جمعنا العسكر لاننا سئمنا طالبان... اعتقدنا أنهم سيحققون السلام لكنهم جلبوا الحرب."

ويجري تشكيل جماعات مماثلة في منطقتي اوراكزاي ودارا ادم خيل القبليتين فضلا عن وادي سوات الى الشمال الغربي من باكستان حيث تقاتل قوات الامن مسلحين موالين لرجل دين يسير على نهج حركة طالبان.

ويقول محللون ان الميليشيات قد تنجح في طرد المسلحين في بعض المناطق لكن هناك مجازفة بأن تتحول الى جيوش خاصة.

وقال رحيم الله يوسف ضاي وهو رئيس تحرير صحيفة وخبير في شؤون البشتون "اذا طرد هؤلاء العسكر المسلحين فلا بأس لكن ليس هناك ضمان بأن العسكر لن يخرجوا عن نطاق السيطرة ويتحولوا الى ميليشيات خاصة تابعة لشيوخ القبائل."

وأضاف أن الجماعات الاسلامية المتشددة جرى تكوينها وتسليحها بطريقة مماثلة ابان الجهاد الذي دعمته الولايات المتحدة ضد المحتلين السوفيت في افغانستان في الثمانينيات.

وساهم ذلك الدعم في ظهور تنظيم القاعدة وجماعات شبيهة به عقدت العزم الآن على محاربة الغرب واسقاط الحكومة الباكستانية.

وقال يوسف ضاي "هذه الجماعات المسلحة تعمل الآان بشكل مستقل. نجازف بتكوين جيوش خاصة أخرى كثيرة في صورة العسكر. انها مقامرة كبرى."

ويرى محللون أن تشكيل شيوخ القبائل للعسكر يجازف ايضا باثارة أعمال انتقامية من قبل المسلحين.

ولقي اكثر من 50 من رجال القبائل حتفهم هذا الشهر في هجوم انتحاري بسيارة ملغومة خلال اجتماع قبلي في اوراكزاي جرت الدعوة اليه لتكوين العسكر. ويوم الخميس قتل ثمانية رجال بالرصاص أثناء عودتهم من تجمع قبلي مماثل.

وقتل ما يصل الى 300 من شيوخ القبائل الموالين للحكومة في وزيرستان الشمالية ووزيرستان الجنوبية وهما ملاذان رئيسيان اخران للمسلحين على مدار الاعوام القليلة الماضية.

ويرى بعض المحللين أنه من الافضل أن تولي الحكومة مزيدا من الاهتمام لتنمية المناطق القبلية بدلا من الاعتماد على الميليشيات. وتسلط الحكومة الضوء على أهمية التنمية لكن لم يبذل جهد يذكر بهذا الصدد.

وخصصت 8.4 مليار روبية (104 ملايين دولار) للتنمية في المنطقة هذا العام لكن نظرا للازمة الاقتصادية لم يتضح بعد حجم المال الذي أنفق. وخصصت الولايات المتحدة 750 مليون دولار لمشاريع في المناطق القبلية.

من ذي شأن حيدر

ليست هناك تعليقات: