الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

أوباما يواجه محنة سياسية بخصوص سياسته في أفغانستان

واشنطن (رويترز) - ينطوي قرار الرئيس الامريكي باراك أوباما بخصوص استراتيجية جديدة في الحرب في أفغانستان على خطر سياسي في وقت يتأهب فيه الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه لانتخابات التجديد النصفي للكونجرس العام المقبل التي يتوقع أن تكون صعبة.

وسيكشف أوباما النقاب عن الاستراتيجية الجديدة يوم الثلاثاء خلال كلمة يلقيها بأكاديمية ويست بوينت العسكرية. ويتوقع أن يزيد بدرجة كبيرة من قوام القوات الامريكية في أفغانستان وربما يرسم ملامح استراتيجية للخروج من الصراع.

وكان الجمهوريون حثوا أوباما على اتخاذ اجراء حاسم بينما أبدى العديد من الديمقراطيين شكوكا قوية الامر الذي يضع الرئيس الامريكي الذي يكافح للوفاء بالوعود السياسية التي قطعها خلال حملته الانتخابية أمام توازن دقيق.

- بم يتعلق الامر؟

يتعين على أوباما أن يقرر ما اذا كان سيستجيب لطلب كبير قادته العسكريين في أفغانستان الجنرال ستانلي مكريستال بارسال ما يصل الى 40 ألف جندي أمريكي اضافي أو الانحياز الى جانب مستشارين أكثر حذرا يفضلون ارسال عدد أقل يتراوح بين عشرة الاف و20 ألف جندي اضافي مع اسناد دور أكبر للقوات الافغانية.

ويفضل أصحاب أصوات مؤثرة في حكومة أوباما منهم وزير الدفاع روبرت جيتس وقادة عسكريون كبار زيادة قوام القوات الامريكية بنحو 30 الف جندي أو أكثر. وقد يصل العدد النهائي الى 35 ألفا اذا أضيف المدربون الامريكيون الى الحساب.

والقرار حاسم لمستقبل الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان حيث يمثل 68 ألف جندي أمريكي ركيزة قوات متعددة الجنسيات قوامها زهاء 110 الاف جندي يقاتلون مسلحين من حركة طالبان.

والصراع جزء من حملة أوسع نطاقا ضد تنظيم القاعدة ويشكل مخاطر لدول مجاورة مثل باكستان المسلحة نوويا ولحلفاء للولايات المتحدة مثل بريطانيا التي وهن فيها تأييد الرأي العام للحرب.

لكنه قد يعرض للخطر أيضا بنودا على جدول أعمال أوباما المحلي مثل الرعاية الصحية والتغير المناخي وذلك عندما يقيم الساسة في واشنطن والناخبون الذين يضعونهم هناك مدى الحكمة في حرب أمريكية باهظة التكاليف في بلد يعرف منذ القدم بأنه "مقبرة الامبراطوريات".

- ما رأي الامريكيين العاديين؟

تشير استطلاعات الرأي الى أن الامريكيين الذين أنهكتهم الحرب الطويلة في العراق ومشاكلهم الاقتصادية منقسمون الى حد بعيد بخصوص أفغانستان.

وأِشار استطلاع أجرته في الاونة الاخيرة صحيفة واشنطن بوست بالاشتراك مع شبكة ايه.بي.سي التلفزيونية الى أن 46 في المئة من الامريكيين يؤيدون تدفقا كبيرا للقوات لمحاربة المسلحين وتدريب الجيش الافغاني بينما يساند 45 في المئة ارسال عدد أقل من الجنود.

كما أوضح الاستطلاع أن 48 في المئة من الامريكيين لا يوافقون على أسلوب أوباما في التعامل مع أفغانستان مقابل 45 في المئة يقرونه.

ولكن أكثر ما يثير قلق الديمقراطيين هو أن نسبة تأييد المستقلين الذين يرجحون كفة أي مرشح وساعدت أصواتهم في فوز أوباما في انتخابات الرئاسة عام 2008 قد تراجعت الى مستوى منخفض جديد بلغ 39 في المئة.

وتتزامن الشكوك بخصوص أفغانستان مع قلق واسع النطاق بين الامريكيين من نسبة البطالة المرتفعة وبرامج الحكومة الضخمة للانقاذ الاقتصادي والميزانية الاتحادية المتزايدة وجدل يثير الانقسام بخصوص اصلاح نظام الرعاية الصحية الباهظ التكاليف.

ويحتمل أن يؤدي الشعور المعارض للحزب المسيطر على السلطة الى تقليص الاغلبية التشريعية التي يتمتع بها الديمقراطيون في الانتخابات التي ستجرى في نوفمبر تشرين الثاني 2010 لكل أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 نائبا وثلث أعضاء مجلس الشيوح البالغ عدد مقاعده 100 مقعد.

- ما هو رد فعل الديمقراطيين؟

يعارض الكثير من الديمقراطيين الليبراليين زيادة كبيرة في المشاركة في صراع لم يعودوا يعتبرونه محوريا لامن الولايات المتحدة.

وعارضت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب - التي تدافع عن مبادرات أوباما الاخرى مثل اصلاح الرعاية الصحية - زيادة عدد القوات الامريكية في أفغانستان ووصفت الرئيس الافغاني حميد كرزاي بأنه "شريك غير جدير" يشينه الفساد ولا يستحق المزيد من المساعدة الامريكية.

كما حث بعض كبار الديمقراطيين الاخرين أوباما على توضيح الخطوط الرئيسية "لاستراتيجية خروج" الولايات المتحدة من أفغانستان.

وأشار مكريستال خلال افادة لوفد من المشرعين الامريكيين الاسبوع الماضي الى أن وجود القوات الامريكية يحتمل أن يبدأ في التراجع بحلول عام 2013 بعد أن يبلغ ذروته. ويتوقع أن يحدد مؤتمر بخصوص أفغانستان ينتظر عقده في لندن في يناير كانون الثاني شروطا لانتقال تدريجي للمسؤولية الى الافغان.

واقترح العديد من المشرعين الديمقراطيين المخضرمين فرض "ضريبة حرب" على أكثر الامريكيين ثراء لتمويل الصراع وهو اجراء مستبعد في عام ستجرى فيه انتخابات.

ويأمل الديمقراطيون أن يتمكنوا بكبح أوباما بخصوص أفغانستان من الحيلولة دون أن يصبح حزبهم مرتبطا أكثر من اللازم بحرب لا تحظى بتأييد ولا يرى فيها طريق واضح الى النصر.

كما يأملون استعادة قدر من المصداقية في قدرنهم على ادارة الاموال بالحد من الانفاق على الحرب الذي قد يرتفع بما بين 30 مليار دولار و40 مليار دولار سنويا.

- ماذا يقول الجمهوريون؟

كان مأزق أوباما بشأن أفغانستان فرصة لتأكيد وجهات نظرهم القوية التقليدية بخصوص الامن القومي وتسليط الضوء على ما يصوره البعض ترددا من جانب الرئيس الديمقراطي.

وقال ديك تشيني نائب الرئيس السابق لمقدم برنامج اذاعي محافظ ان عملية مراجعة الخيارات التي أجراها أوباما على مدى ثلاثة أشهر بخصوص أفغانستان استغرقت وقتا أطول من اللازم.

وأضاف "التأخير ليس دون مقابل. كل يوم يمر يزيد من الشكوك في أذهان اصدقائنا في المنطقة بخصوص ما سنفعله ويثير الشكوك بين القوات."

وحث ميتش مكونيل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ أوباما على " مواصلة الضغط" على حركة طالبان بينما وجه 14 من الاعضاء الجمهوريين في مجلس النواب رسالة الى أوباما يؤيدون فيها طلب مكريستال ارسال 40 ألف جندي اضافي.

ويأمل الجمهوريون أن يصورهم الجدل في صورة المتيقظين للاخطار التي تهدد الولايات المتحدة وأن يستعيدوا تأييد الناخبين الذين ترجح أصواتهم كفة المرشحين والذين خاب أملهم في أوباما.

ويقول الديمقراطيون ان الجمهوريين يسعون لصرف أنظار الامريكيين عن الفشل في الحاق الهزيمة بطالبان خلال سبع سنوات من العمليات العسكرية في عهد الرئيس السابق جورج بوش الذي أرسل أعدادا أكبر كثيرا من القوات لخوض الحرب التي شنها في العراق.

من أندرو كوين

ليست هناك تعليقات: