الخميس، 28 أغسطس 2008

الأزمة الدولية...تصعيد وتداعيات

تبدو المواجهة الروسية-الغربية، التي انبعثت شراراتها من إقليم أوسيتيا الجنوبية، مرشحة لمزيد من التصعيد ومتجهة إلى تعقيدات يصعب التنبؤ بنهاياتها. روسيا، باعترافها الرسمي باستقلال أبخاريا وأوسيتيا الجنوبية، تكون قد ردت على تحذيرات العواصم الغربية لها بمزيد من التصلب والتشدد.

نائب رئيس الأركان الروسي الجنرال، اناتولي نوغوفيتسين، أعلن أن تعداد القوات البحرية التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في البحر الأسود وصل إلى عشرة سفن، مستغربا النشاط المتعاظم للحلف هناك. نوغوفيتسين شكك بالمهمة الإنسانية المعلنة عبر بوارج وسفن حربية، فالمساعدات الإنسانية يمكن إيصالها عبر سفن مدنية.

من جهة أخرى، أعلن الرئيس الروسي، ديمتري مدفيدف، أن بلاده تدرس خياراتها بشأن العلاقات مع حلف الناتو والتي منها وقف كافة أشكال التعامل مع الحلف. أما رئيس الوزراء فلاديمير بوتين، فقد قال ـ وفي رد على الدعوات الأمريكية لمعاقبة موسكو ـ إن روسيا تفكر في الانسحاب من بعض الاتفاقات التي يجري التفاوض عليها بشأن انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، لأنها تناقض مصالح روسيا حاليا.

في حين أعلن البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة تقوم بمراجعة مجمل علاقتها مع روسيا، لأن موسكو لم تلتزم بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار مع جورجيا الذي رعته فرنسا. فيما سيتوجه نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني قريبا إلى جورجيا وأوكرانيا وأذربيجان "لإجراء محادثات مع هؤلاء الشركاء الأساسيين حول مصالحنا المتبادلة"، حسب بيان صدر عن البيت الأبيض. قبل ذلك دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى عقد قمة أوروبية خاصة لمناقشة الأزمة الجورجية في الأول من سبتمبر.

المواجهة الغربية-الروسية تتسع، وكل طرف يحشد حلفاءه ويستعرض الأوراق التي يمتلكها، ليتحرك لاحقا ـ إن دعت الحاجة ـ على امتدد الساحات، التي يمكن أن تسبب صداعا واستنزافا للطرف المقابل، من هنا يمكن أن نشهد تأجيجا للصراعات المختلفة، التي تعرف هدوءا نسبيا، مثل الوضع الشيشاني.

ولعل تصريحات السفير الروسي زامير كابولوف في كابول، التي هدد فيها بمنع حلف الناتو من استخدام الطرقات الروسية لنقل مواد غذائية ومعدات إلى أفغانستان، تصب في خانة تداعيات المواجهة الروسية مع حلف الناتو. اختيار كابول لإعلان الموقف الروسي، فيه تلميح بأن موسكو قادرة على زيادة المتاعب والمصاعب التي يواجهها حلف الناتو في الرمال الأفغانية المتحركة.

الموقف الكوري الشمالي الجديد فيما يتعلق بالبرنامج النووي ليس بعيدا عن أجواء التصعيد العالمية، بل هو على الأرجح من تداعياته، فقد قرّرت كوريا وبشكل مفاجئ تعليق جهودها باتجاه تفكيك منشآتها النووية، بل أنها أعلنت أنها تدرس إمكانية استئناف العمل في مفاعل "يونج بيون" النووي، واتهمت كوريا الشمالية الولايات المتحدة بانتهاكها بنود اتفاق نزع السلاح الذي رعته المجموعة السداسية.

لا يبدو في الأفق بوادر تهدئة أو تسوية مقبولة, فالولايات المتحدة لا تريد أن تحصد روسيا من الأزمة الحالية غنائم سياسيا وموقعا دوليا متقدما, فيما تريد موسكو استثمار التراجع الأمريكي الدولي والورطة الأفغانية لحلف الناتو لتعيد رسم قواعد اللعبة الدولية.

ليست هناك تعليقات: