الاثنين، 25 أغسطس 2008

جورجيا والمخاطر المحدقة بأوكرانيا




الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشينكو (رويترز)

كتب رئيس أوكرانيا فيكتور يوتشينكو في مقال بصحيفة واشنطن بوست تحت عنوان "جورجيا والمخاطر المحدقة بأوكرانيا"، أن النزاع في جورجيا كشف عن وجود مشاكل تمتد إلى ما وراء منطقة القوقاز.
وفي ما يلي نص المقال:
أظهرت الأحداث الأخيرة مدى الخطورة الواقعة على المجتمع الدولي من تجاهل "النزاعات المجمدة". إن قضايا المناطق المنفصلة عن الدول المستقلة حديثا معقدة، وغالبا ما كان يتم تناولها كأوراق مساومة في المناورات الجيوبوليتيكية. لكن هذه المناورات تنجم عنها خسائر في الأرواح وكوارث إنسانية ودمار اقتصادي وانهيار الضمانات الأمنية الدولية.
وقد أصبحت أوكرانيا رهينة في الحرب التي شنتها روسيا. وهذا ما دعا السلطات الأوكرانية وجميع فئات شعبنا، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في كريميا، إلى التفكر في المخاطر الناشئة عن حقيقة أن الأسطول الروسي في البحر الأسود يتمركز في أرضنا.
كذلك كشفت الأحداث المؤسفة في جورجيا عن افتقار الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والمنظمات الدولية الأخرى إلى آليات وقائية فعالة.
ونحن في أوكرانيا نأمل أن تلتفت روسيا إلى رأي المجتمع الدولي بأن القضايا التي بين أيدينا يمكن تسويتها عبر المفاوضات. ونريد وضع حد لنهب وتدمير البنية التحتية الجورجية. ويجب أن نبذل قصارى جهدنا لمنع التحرشات وتجنب المزيد من المذابح.
فالقتال الدائر بين روسيا وجورجيا يؤثر على مصالح بلدي. والعمليات العسكرية حدثت بالقرب من حدودنا والأسطول الروسي في البحر الأسود متورط مباشرة في الأمر. وقد أُثيرت بذكاء مسألة الأمن القومي الأوكراني. وبالنظر إلى نشاطات الأسطول الروسي، كنت مضطرا لإصدار أمر ينظم عمله على أرض أوكرانيا.
وفي ظل هذه الظروف لا يمكن لأوكرانيا أن تظل صامتة. فقد انخرطنا، مع دول أخرى، في السعي لإيجاد حل للنزاع. ومنذ اليوم الأول للاعتداءات، دعت أوكرانيا كل الأطراف إلى وقف فوري لإطلاق النار وأرسلت مساعدات إنسانية للضحايا بغض النظر عن عرقيتهم. وتمسكت أوكرانيا بدعمها الثابت لسيادة ووحدة أراضي جورجيا.
وفي الثاني عشر من أغسطس/آب الجاري زرنا أنا وزملائي من دول البلطيق الثلاث وبولندا تبليسي. وكانت مقترحاتنا لإيجاد حل للنزاع منسجمة مع خطة التسوية للاتحاد الأوروبي. ونحن نقدر كثيرا جهود الولايات المتحدة ورئاسة الاتحاد الأوروبي المتمثلة في فرنسا، على إنجاز وقف إطلاق النار. فقد أثمرت جهودهم جدواها في وقف الحرب وإراقة الدماء.
وأوكرانيا تفضل تمثيلا دوليا أوسع في قوة حفظ السلام في منطقة النزاع. وأي تنسيق جماعي جديد تفوضه الأمم المتحدة أو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا هو السبيل الوحيد لضمان أمن منطقة النزاع.
وإني لأرجو بشدة أن تنفذ الأطراف المتنازعة الخطة بحذافيرها. ونحن مستعدون لنشارك في الجهود الدولية لتوفير الإغاثة ومساعدة الضحايا لاستئناف حياتهم الآمنة. وأوكرانيا على أهبة الاستعداد للمشاركة في مهام الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون بإرسال قوات حفظ سلام.
جوانب أخرى
ومن الواضح أنه بالإضافة إلى الأبعاد السياسية للقضايا التي تشمل مناطق الانفصال، نحن بحاجة لأن نكون على مستوى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لهذه الظاهرة. فكثير من هذه المناطق بعيدة عن سيطرة الحكومات الذاتية أو المجتمع الدولي.
وفي كثير من الحالات حول غياب مراقبة هذه الأراضي إلى ملاذات للتهريب والمتاجرة غير المشروعة في الأسلحة والبشر والمخدرات. كما أن هذه المناطق تعاني من تفشي الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، وتتميز بافتقارها للإجراءات الانتخابية الديمقراطية ووسائل إعلامها المقهورة والمنحازة. والبعد العرقي للمشكلة غالبا ما يتم تضخيمه ليساعد في إخفاء الممارسات الجنائية.
علاوة على ذلك، فإن وجود منطقة مليئة بمثل هذه النشاطات تشكل تهديدا لرخاء ونمو الدول المجاورة. والسلطات الرسمية تضطر لصد هجمات من القوات الانفصالية شبه النظامية. لكنهم لا ينجحون دائما. وقبل اندلاع القتال على نطاق واسع في جورجيا، فشلت قوات حفظ السلام الروسية في منع انفصاليي أوسيتيا الجنوبية من قصف الأراضي الجورجية. وهذا النشاط كان مكثفا في الأيام السابقة على القتال الأشد.
احتفلت أوكرانيا هذا الأسبوع بذكرى استقلالها. وقد أثبت هذا النزاع مرة أخرى أن أفضل الطرق لضمان الأمن القومي لأوكرانيا والدول الأخرى هو الاشتراك في منظومة أمن جماعية للأمم الديمقراطية الحرة المتمثلة اليوم في حلف شمال الأطلسي.
ووفقا للتشريع القومي وأولويات السياسة الخارجية، ستستمر أوكرانيا في مواصلة طريق التكامل الأوروبي الأطلسي. وهذا هو طريق الديمقراطية والحرية والاستقلال.

ليست هناك تعليقات: