السبت، 11 أكتوبر 2008

أثر أزمة الائتمان العالمية في المصرفية الإسلامية









د.صلاح بن فهد الشلهوب - محاضر في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران. 11/10/1429هـ
sshalhoob@hotmail.com


يشهد العالم اليوم تحولا كبيرا بسبب أزمة الائتمان العالمية التي أصبحت تعصف بالأسواق العالمية، وأصبح هناك غموض في مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل هذه الانهيارات التي تشهدها المصارف العالمية، والتي أطلق شرارتها بنك ليمان براذرز، والذي قد يكون بداية لسلسلة انهيارات قد تشهدها البنوك العالمية في أمريكا أو أوروبا.
وفي ظل هذه الانهيارات أصبح هناك حديث عن أثر هذه الأزمة في الدول الأخرى التي لا تعتبر طرفا فيها ولعل منها منطقة الخليج التي تشهد نموا غير مسبوق، في ظل ارتفاعات كبيرة في أسعار البترول وتدفق الاستثمارات العالمية للمنطقة، والتحسن الاقتصادي بشكل عام.
كذلك من الممكن أيضا أن نتساءل عن أثر هذه الأزمة في مسيرة نمو المصرفية الإسلامية، إذ إنها تعيش اليوم أفضل حالاتها في ظل نمو الطلب على الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة، والتدفق النقدي الذي تشهده منطقة الخليج وهذه المنطقة تعد أكبر مغذ للنمو الذي تشهده المصرفية الإسلامية اليوم.
يبقى أن نعلم أن المنظومة الاقتصادية اليوم مرتبطة بشكل كبير ببعضها بعضا، خصوصا يتعلق الأمر بأكبر اقتصاديات العالم وهي الولايات المتحدة، وكما قيل "لو عطس الاقتصاد الأمريكي لأصيب العالم بالرشح "وذلك دلالة على قوة تأثير الاقتصاد الأمريكي على اقتصاديات العالم، وكان الأمر واضحا في الأزمة التي امتدت بقوة إلى الدول الأوروبية.
ولذلك لا بد من تقييم حجم الأثر الذي ستتركه هذه الأزمة على المصارف الإسلامية وتكون هناك استفادة من الدروس.
من المعلوم اليوم أن كثيرا من المصارف العالمية التي تعاني أزمة الائتمان لها اليوم فروع وأدوات استثمارية على أساس أنها متوافقة مع الشريعة، وهذه المصارف تقدم تمويلا لشراء المساكن كالتي تقدمها المصارف التقليدية بالصيغ المتوافقة مع الشريعة, إضافة إلى تقديم ومساهمة هذه المؤسسات في الصكوك الإسلامية والخدمات والمنتجات الإسلامية التي تشابه كثيرا نظيريها التقليديين.
فكل ما سبق من العوامل لا شك أنه سيؤثر في نمو المصرفية الإسلامية، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار الكساد الذي سيصيب الاقتصاد العالمي والذي سيلقي بثقله على المصارف الإسلامية والتقليدية على حد سواء.
ولذلك لابد أن نأخذ من هذه الأزمة عدة دروس، ومنها أن المصرفية الإسلامية لابد أن تكون لديها استراتيجية لتنمو بعيدا عن ارتباطها الوثيق بالمصرفية التقليدية، ثم إنه لا بد أن نعي اليوم وبعد هذه الأزمة أن التمويل الذي يعتمد على الفائدة بشكلها التقليدي أو الإسلامي ليس على كل حال منعدم المخاطرة، وهذا يستدعي أن يكون تركيز المصرفية الإسلامية على التنمية التي تتضافر جهود الممول والمستثمر لنجاح مشاريعهم الاستثمارية ويكون عبء المخاطرة يشمل الجميع، ليكون حافز تحقيق الأرباح أيضا هدفا للمول والمستثمر، وانخفاض المخاطرة ناشئ من خلال تنوع الاستثمارات، وتركيز الممول والمستثمر على دراسة المشروع ومدى نجاحه بدلا من أن يكون عبء المخاطرة يتحمله المستثمر فقط دون الممول

ليست هناك تعليقات: