الأربعاء، 8 أكتوبر 2008

.. وسقطت ورقة التوت !








محمد بن فهد العمران - 08/10/1429هـ
(mfalomran@gmail.com)

مع انهيار الأسواق المالية العالمية نتيجة للأزمة الائتمانية الأسوأ منذ أكثر من ثمانين عاماً، سقطت ورقة التوت و انكشف ما كانت تخفيه المؤسسات المالية العالمية (إن كانت مصارف تجارية أو بنوكا استثمارية أو حتى شركات تأمين) عن مساهميها الذين بلا شك تكبدوا خسائر جسيمة نتيجة لهذه الأزمة، حيث تبين أن هذه المؤسسات المالية العملاقة لم تكن تملك أنظمة فعالة لإدارة المخاطر، بل كانت كانت تملك خططا واسترتيجيات لتحقيق الربح ولا شيء غير الربح.

إن ما حدث هو بلا شك سقطة كبيرة لمفهوم إدارة المخاطر، ذلك المفهوم الذي لا يزال كثير من التنفيذيين حول العالم ينظرون إليه على أنه "مركز تكلفة" لا يلقى من اهتمامهم الا القليل، وبالتالي فإن السياسات والإجراءات الخاصة بإدارة المخاطر فشلت أمام اختبار بسيط تمثل بفرضية انخفاض أسعار العقارات والسبب في ذلك أن جزءا كبيرا من هذه السياسات والإجراءات لم يكن مطبقاً على أرض الواقع على الإطلاق، بل كان حبرا على ورق لتحقيق أهداف روتينية!!

لن أتحدث عن أسباب هذه الأزمة الاقتصادية من المنظور العام، لكني سأتحدث عنها من المنظور التحليلي الضيق حيث تتركز المشكلة تحديداً في عدم وجود توازن بهيكلة تمويل الأصول لدى كبريات المؤسسات المالية العالمية نتيجة للإفراط في استخدام الالتزامات كمصدر رئيسي للتمويل حيث بلغ معدل الاستخدام نحو عشرة أضعاف حقوق المساهمين وفي بعض الحالات أكثر من عشرين ضعفاً وهي بالتأكيد معدلات خطيرة جداً لا أدري حقيقة لماذا لم يتخوف منها مسؤولو هذه المؤسسات أو حتى المسؤولون عن مؤسسات التقييم الائتماني؟

الجانب الآخر يتعلق بالمبالغة في استثمار الأصول بأدوات مالية جديدة نوعاً ما وخطيرة في الوقت نفسه (مثل الأوراق المالية المضمونة برهونات عقارية رديئة الجودة)، وبالتالي مع أي انخفاض في أسعار العقارات ينعكس ذلك على انخفاض في تقييم الأصول وبالتالي ظهور عجز متكرر في رأس المال العامل. هذا يعني أنه في هذه الرحلة تحديداً فإن انسيابية التدفقات النقدية الموجبة تعتبر أهم من مسألة تحقيق خسائر أو أرباح، وهي نقطة أساسية لا أدري حقيقة كيف تجاهلها مسؤولو هذه المؤسسات أو حتى المسؤولون عن مؤسسات التقييم الائتماني، الذين بدورهم يتحملون أيضاً جزءاً كبيراً من المشكلة؟

ليست هناك تعليقات: