الخميس، 10 ديسمبر 2009

القوة النفطية العراقية قد تزعج ايران أكثر من السعودية

بغداد/دبي (رويترز) - سيواجه ميزان القوى في الشرق الاوسط تقلبات عنيفة اذا نجح العراق في زيادة انتاجه من النفط الى ثلاثة أمثاله وستشعر القوة الشيعية ايران بالتهديد أكثر من العملاق النفطي السعودية.

وقد يؤدي الصعود المحتمل للعراق الى المرتبة الثالثة بين أكبر منتجي النفط في العالم الى تشكل جبهة شيعية قوية داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) اذا نسقت بغداد سياسة الامدادات مع سياسة طهران.

ومن شأن ذلك أن يثير قلق السعودية التي تشعر بارتياب بالفعل ازاء صعود الاغلبية الشيعية في العراق الى السيادة السياسية عقب سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين. وقد يزيد الشقاق داخل أوبك مما يقوض الجهود الرامية لعرض صورة من الانسجام.

غير أن الارجح هو أن تطوير النفط في العراق سيغذي التوترات مع ايران ويسحب استثمارات أجنبية محتملة من الجمهورية الاسلامية ويفاقم التوترات الاجتماعية بحرمان طهران من أموال تحتاجها بشدة اذا تسببت أعمال التطوير تلك في انخفاض أسعار الخام.

ويمكن للعائدات التي سيجنيها العراق من 4.5 مليون برميل يوميا اضافية يتطلع لانتاجها أن تمنح الدولة العربية القدرة على تحدي النفوذ الايراني على العالم الشيعي.

تقول جالا رياني المحللة لدى اي.اتش.اس جلوبال انسايت "التطوير (في قطاع النفط العراقي) قادم لا محالة. الا أن التغيرات في ميزان القوى لن تكون فورية .. انها أطول أجلا وتسبب مصاعب سيكون من الضروري على العراق والدول المجاورة أن يتعاملوا معها."

ويحتاج كل من العراق وايران الى استثمارات هائلة في قطاعي النفط المتداعيين لديهما. ويعطي انفتاح العراق على شركات الطاقة العالمية - وان كان ذلك بشروط صعبة - الدولة العربية فرصة أفضل في جذب مليارات الدولارات يحتاجها لعمليات تطوير على نطاق غير مسبوق لحقول النفط.

ومن شأن ذلك أن يصعب على طهران جذب السيولة التي تحتاجها في وقت تواجه فيه الدولة الايرانية ضغوطا اجتماعية وسياسية هائلة عقب انتخابات الرئاسة التي طعنت فيها المعارضة وفاز فيها الرئيس محمود أحمدي نجاد بفترة ثانية.

ويفاقم من ذلك أن شركات النفط الحكومية الصينية العملاقة تشارك في عمليات بالعراق الامر الذي لا يترك لها موارد تذكر للعمل في مناطق أخرى. وتحولت ايران الى الشركات الحكومية الاسيوية للحصول على المال والتكنولوجيا بعدما نأت الشركات الغربية بنفسها عنها بسبب الوضع السياسي والعقوبات.

وقال مسؤول تنفيذي غربي كبير "لماذا سيرغب المرء في الاستثمار في ايران.. انها محفوفة بمخاطر شديدة. هناك العقوبات والوضع السياسي. اذا عملت في العراق فسيكون من الضروري أن تحد من تعرضك لدولة أخرى محفوفة بمخاطر في المنطقة."

وأضاف أن ايران يمكن أن تكون مقصدا لمن يخسرون في المناقصات النفطية العراقية.

واذا تم توقيع جميع العقود التي تطرحها بغداد فيمكن للعراق أن يزيد طاقته الانتاجية الى عشرة ملايين برميل يوميا مقارنة مع 12.5 مليون للسعودية وعشرة ملايين لروسيا متجاوزا بكثير ايران التي تقول انها تضخ 4.2 مليون برميل يوميا.

وايران أكثر اعتمادا على أسعار النفط المرتفعة من السعودية - أكبر مصدر للخام في العالم - لتمويل برامج انفاق اجتماعي. ومن شأن زيادة الانتاج العراقي أن يدفع أسعار النفط للهبوط على المدى البعيد وقد ينال أيضا من حصص الدول الاخرى من السوق.

وقال ديفيد ماك وهو سفير أمريكي سابق بالشرق الاوسط "أي تراجع اخر للاسعار كالذي حدث في الشتاء الماضي من شأنه أن يرهق الحكومة الايرانية التي تعاني بالفعل من ضعف التأييد الشعبي بسبب سوء الادارة الاقتصادية .. فضلا عن المشكلات السياسية الواضحة الناتجة عن الانتخابات."

وستراقب السعودية صعود القوة النفطية للعراق وعلاقاته مع طهران بحذر.

لكن محللين يقولون ان الرؤية التي تقول ان العراق بعد صدام حسين يخضع لهيمنة ايران غالبا ما تكون مبالغا فيها.

ولجأ كثير من زعماء الشيعة العراقيين الى ايران خلال حكم صدام حسين الا أن النزعة القومية قوية علاوة على ذكريات الحرب الايرانية العراقية التي استمرت ثماني سنوات وقتل خلالها نحو مليون شخص.

ويقول محللون انه حتى اذا أسفرت الانتخابات العامة المقررة العام القادم عن حكومة مؤيدة صراحة لايران فإن التأثير الذي ربما تحدثه زيادة انتاج النفط العراقي على التوترات السياسية والاقتصادية داخل الجمهورية الاسلامية ربما يثير شقاقا بين البلدين.

وفي نهاية الامر ستفضل السعودية الحليف القوي للولايات المتحدة رؤية عراق متطور ومزدهر بدلا من بلد يستخدم كنقطة انطلاق لتنظيم القاعدة.

وأصبحت السعودية متورطة في الصراع الداخلي وعدم الاستقرار المتفاقم باليمن.

وقال مسؤول سعودي "من مصلحتنا أن يخرج العراق مستقرا .. لا نريد يمنا اخر.

"اذا أصبح العراق قوة اقتصادية اقليمية فسيدعم ذلك الاقتصاد السعودي."

(شارك في التغطية رانيا الجمل بالكويت)

من مايكل كريستي وسايمون ويب

ليست هناك تعليقات: