الأربعاء، 27 أغسطس 2008

خطط القوى الكبرى بشأن إيران في خطر بسبب جورجيا

بيروت (رويترز) - إن المرارة بين روسيا والغرب التي أثارها الصراع في جورجيا تعقد أي جهود لتشديد عقوبات الامم المتحدة على إيران بسبب برنامجها النووي.

غير أنه مع تردد أصداء التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية للازمة قد يكون من السابق لاوانه أن تفترض طهران أنها أفلتت من العقاب كما تقول بعض الصحف الايرانية.

ومن الواضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها الاوروبيين سيجدون صعوبة في التوصل الى توافق في الرأي مع روسيا المشاكسة والصين الحذرة لفرض عقوبات اكثر صرامة لكبح جماح البرنامج النووي الايراني.

وقال فولكر بيرتيس مدير المعهد الالماني للشؤون الدولية والامنية "اذا كنا نتحرك في اتجاه حرب باردة جديدة فسيكون التوصل لحل مشترك للمشكلات اكثر صعوبة...مثل النزاع النووي مع ايران."

ورفض الاقتراحات بأن هذا قد يدفع الولايات المتحدة الى اللجوء الى تحرك أحادي الجانب ضد ايران.

ومضى يقول "بالطبع التعاون بصدد المسألة الايرانية قد يقع ضحية للمواجهة الحالية بين الولايات المتحدة وروسيا لكن يجب الا يحدث هذا."

وأضاف "في الاشهر الماضية ابتعدت الولايات المتحدة عن التحرك من جانب واحد في هذه المسألة واتجهت الى مزيد من التعددية."

وأيدت روسيا التي هي واحدة من خمس دول تملك حق النقض ( الفيتو) بمجلس الامن الدولي ثلاث اجراءات سابقة بفرض عقوبات على إيران لكن بعد تخفيف حدتها.

وفشلت العقوبات في أثناء إيران عن المضي قدما في برنامجها النووي الذي تقول انه لا يهدف الا لتوليد الكهرباء لا انتاج قنابل نووية مثلما يتهمها الغرب.

وذكرت صحيفة إيران نيوز هذا الاسبوع أن الازمة في جورجيا أبعدت ايران عن عناوين الصحف العالمية بينما أثار غزو روسيا لجارتها شكوكا بشأن الاتهامات الغربية للجمهورية الاسلامية بأنها تمثل اكبر تهديد للامن العالمي.

وترى الصحيفة التي تصدر بالانجليزية فوائد واضحة بالنسبة لايران في صراع روسيا العنيف مع الغرب بشأن جورجيا.

وتقول الصحيفة "يجعل هذا تطبيق العقوبات التي تم التصديق عليها بالفعل ضد طهران اكثر تحديا...ويقلل بشدة احتمالات التوصل الى توافق في الاراء...لفرض جولة رابعة من العقوبات ضد بلادنا."

وتبدو المجادلة في صحة هذا القول صعبة حتى بالنسبة لمنتقدي البرنامج النووي لايران.

وقال مارك فيتزباتريك الخبير في مجال منع الانتشار النووي بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "تراجع العلاقات بين روسيا والغرب سيزيد عملهما سويا على أي شيء صعوبة والسياسة تجاه ايران ستتصدر قائمة المجالات التي ستتضرر."

ومضى يقول "باديء ذي بدء التوصل الى توافق اراء بشأن فرض عقوبات لمجلس الامن صعب" مضيفا أن أي قرار جديد قد يركز على تحسين تطبيق العقوبات القائمة فحسب.

وطرح مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الامريكية باراك اوباما جدول اعمال اكثر طموحا يوم الاثنين حين قال ان على العالم " تشديد الضغط دبلوماسيا" بفرض عقوبات على ايران.

ولدى سؤاله ان كانت اسرائيل لديها ضوءا أخضر بضرب ايران في غياب مزيد من الضغوط العالمية على طهران قال أوباما انه "يجب أن نفعل هذا قبل أن تشعر اسرائيل أنه ليس امامها الكثير من الخيارات."

وتضغط الولايات المتحدة من أجل فرض مزيد من العقوبات على ايران وفي الوقت الحالي تعطي الاولوية للتحرك الدبلوماسي على العمل العسكري.

وصرح وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك هذا الشهر بأن الولايات المتحدة "لا ترى أن أي تحرك ضد ايران هو التصرف الصحيح في الوقت الحالي" لكنها تتفق مع وجهة نظر الدولة اليهودية القائلة "بعدم استبعاد أي خيار من الطاولة."

ويقول بيرتيس مدير المعهد الالماني ان أزمة جورجيا لم تجعل الهجوم الامريكي المحتمل على المنشات النووية الايرانية أقرب "ولن تكون قيادة حرب ثالثة بالشرق الاوسط أسهل لانها تواجه صراعا مع روسيا."

وقال دبلوماسي اوروبي بارز إن التعاون قد يشوبه مزيد من الصعوبات لكنه جادل بأن روسيا والولايات المتحدة ما زالا يشتركان في هدف استراتيجي لمنع ايران من امتلاك أسلحة نووية.

وتابع قائلا "لا فائدة من انكار وجود كم هائل من التوتر في العلاقة بعد التدخل في جورجيا لكن سيكون هناك الكثير من الاصرار على استمرار طرح المسألة الايرانية."

وعبر دبلوماسيون آخرون عن تشككهم في هذا الاحتمال.

وقال دبلوماسي يتخذ من فيينا مقرا له خبير في القضية الايرانية "الكل يعتقد أن روسيا لن تنضم بعد الان الى الضغط الامريكي على إيران" وقال ان الزعماء الروس استشاطوا غضبا من "مغامرة" الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي "التي شجعها الامريكيون."

وخاضت جورجيا وروسيا حربا قصيرة بسبب اوسيتيا الجنوبية هذا الشهر بعد أن حاولت قوات جورجية استعادة الاقليم المنشق بالقوة. وتوغل هجوم روسي مضاد داخل جورجيا.

وأشعل اعتراف موسكو باستقلال اوسيتيا الجنوبية وابخازيا وهما اقليمان منشقان في جورجيا غضب الغرب.

ويرى بول ريفلين المحلل بمركز ديان بجامعة تل ابيب أن اخفاق واشنطن في مساعدة حليفتها جورجيا يسلط الضوء على تضاؤل القوة الاستراتيجية الامريكية بالنسبة لروسيا والصين بل حتى ايران منذ حرب عام 2003 ضد العراق.

وكتب في بحث صدر مؤخرا "العداء للحرب في الداخل والشرق الاوسط وأماكن أخرى من العالم كانت له اثار سلبية على صورة الولايات المتحدة وقدرتها على تحريك المجتمع الدولي في أي قضية سواء كان التهديد الايراني او حتى الدعم لجورجيا."

وأضاف "تملك روسيا الان أسبابا أقل للتعاون مع واشنطن فيما يتعلق بالبرنامج النووي لايران."

(شارك في التغطية مارك هاينريك في فيينا وكرستين جيمليتش في برلين وادموند بلير في طهران

ليست هناك تعليقات: