الخميس، 28 أغسطس 2008

صحف بريطانية: أزمة جورجيا مقبرة العالم الأحادي بقيادة أمريكا

لندن-سانا

قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن أزمة جورجيا هي مقبرة العالم الأحادي الذي قادته أمريكا حيث أسدل التحدي الروسي الستار على النظام العالمي الجديد للرئيس بوش الأب.

وأضافت الصحيفة في مقال بقلم المحلل السياسي البريطاني سيوماس ملين إنه إذا كان هناك أي شك في أن القواعد التي تحكم اللعبة الدولية قد تغيرت إلى الأبد فإن أحداث الأيام الأخيرة لابد أن تكون قد بددتها مشيرة إلى أن الرئيس جورج بوش تلقى خلال 24 ساعة رداً على طلبه من القادة الروس برفض تصويت برلمان بلادهم للاعتراف باستقلال اوسيتيا الجنوبية وأبخازيا بإعلان الرئيس الروسي اعتراف بلاده رسمياً باستقلال الإقليمين.

وقالت إنه لا مجال للخطأ في قراءة الرسالة الروسية وهي أن نتيجة الحرب التي أشعلتها جورجيا بهجومها على أوسيتيا الجنوبية ليست قابلة للنقاش وأن لاشيء تقوله أو تفعله الإمبريالية الأمريكية سيغير من ذلك.

واعتبرت أن حديث ديفيد مليباند وزير الخارجية البريطاني من كييف بعد إعلان الاستقلال عن تحالف واسع ضد القرار الروسي يبدو مجرد حماقة ومحاولاته انكار التشابه بين اعتراف روسيا باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا مع الاعتراف الذي قادته الولايات المتحدة باستقلال كوسوفو يبدو أجوف تماماً مثل شجبه لاجتياح دول ذات سيادة والذي يكشف عن الازدواجية أيضاً.

من جهته انتقد المحلل السياسي ديفيد هيرست في مقال في نفس الصحيفة موقف وخطاب مليباند وقال إن مليباند خطا على نحو أعمى وأحمق في حقل ألغام وهو بمحاضرته التي ألقاها على الروس عن سيادة أوكرانيا فقد بدا وكأنه لا يعرف عما يتحدث فهو جاهل بتاريخ العلاقات المتشابكة ثقافياً وسياسياً ودينياً بين الروس والأوكرانيين والذين استطاعوا حتى الآن حل خلافاتهم بالحوار ودون إراقة دماء.

من جهته دعا اللورد روبرت ساكيدلسكي أستاذ الاقتصاد في جامعة واريك البريطانية في مقال في صحيفة التايمز ميليباند بالكف عن اللعب بالنار لأن البدء بحرب باردة يحتاج إلى طرفين وقد تم استفزاز روسيا حتى الآن بدون مبرر وهي مستعدة بحسب ماقاله رئيسها لحرب باردة جديدة ولذا فإذا كان السياسيون ومن ضمنهم سياسيونا يريدون واحدة فسيحصلون عليها.

وقال ساكيدلسكي إن روسيا اوضحت تماما مدى استيائها من توسع الناتو فقد سعت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي لإعادة بناء قوتها آملة في أن تشكل الجمهوريات السوفييتية السابقة منطقة عازلة بينها وبين التوسع الغربي ولكن الغرب واصل توسعه السياسي والعسكري في تلك الجمهوريات كلما سنحت له الفرصة.

وحمل الولايات المتحدة وبريطانيا المسؤولية عن استفزاز روسيا بالقول إن آخر مسعى من الكونسرتيوم الأنغلو أمريكي كانت رغبته في ضم جورجيا وأوكرانيا إلى الناتو فالامريكيون يريدون بمحاولة التغلغل في الجمهوريات السوفييتية السابقة ونصب صواريخ دفاعية في بولندا و تشيكيا الهيمنة على المنطقة مستخدمة الناتو كخنجر وبريطانيا كغطاء أخلاقي.

وحذر الكاتب من أن هذا سيقود العالم إلى الانقسام إلى كتلتين ويطلق سباق تسلح جديد ويعيد الاقتصادات العالمية إلى السياسة.

في حين رأى المعلق السياسي أدريان هاملتون في صحيفة "الإندبندنت" أنه رغم المحاولات الغربية للتركيز على افتراضين هما خرق روسيا للقواعد الجيوسياسية المتعارف عليها والعودة إلى سياسات القرن التاسع عشر حيث يبتلع الأقوياء الضعفاء إلا أن ذلك ليس صحيحاً.

وأوضح أن الحقيقة هي أن العالم قد تغير بعد أزمة جورجيا وخاصة العالم الغربي التي تنذر قبل كل شيء بالعودة إلى السياسات الإقليمية وهي تغير كبير عن حقبة الرئيس بوش التي أعلن فيها ديك تشيني ودونالد رامسفيلد فلسفة الانتشار العالمي استناداً على أن أمريكا القوة العظمى الوحيدة في العالم.

وقال تم اجتياح العراق وبناء قواعد عسكرية أمريكية في كل أنحاء العالم وتم توسيع الناتو والاتحاد الأوروبي على أساس أن النظام العالمي الجديد قد تحقق ولكنه لم يتحقق وكان ذلك واضحاً حتى قبل جورجيا مع صعود الصين وفشل احتلال العراق.

وخلص إلى القول إنه من الواضح الآ أن أي تسويات لا يمكن أن تتم دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح وطموحات اللاعبين الإقليميين.

ليست هناك تعليقات: