الأحد، 21 سبتمبر 2008

ما أسباب أزمة الرهن العقاري الأمريكية


دمشق-سانا

تعود الأزمة المالية في الأسواق الأمريكية إلى إفراط البنوك في الأقراض والتمويل وعدم أخذ الاحتياطات اللازمة بإدارة هذه المخاطر وأيضاً عدم طلب ضمانات تتعلق بالدخل أو بملاءة المقترض ما أدى إلى إفراغ البنوك من السيولة بسبب تعثرها باسترجاع رؤوس أموالها وفوائدها من المقترضين الذين لم يتمكنوا من التسديد.

والأزمة اقتصادية واجتماعية في آن واحد اذ أدت إلى إفلاس بعض البنوك وانحدار بعضها المالي فترك آثاراً كارثية على ميزانياتها وأرباحها.

كما يدفع الملايين من الأمريكيين الذين اشتروا بيوتاً بفضل قروض رخيصة التكلفة ثمن السياسة النقدية وأسعار الفائدة التي اتبعها البنك المركزي الأميركي بعيد أحداث الحادي عشر من أيلول بتخفيضه الفائدة من 5ر6 بالمئة إلى واحد بالمئة والتي كانت خطوة بهدف دعم الاستثمارات والاستهلاك وبالتالي النمو الاقتصادي الأمريكي.

تقول دراسة بعنوان أزمة قروض الرهن العقاري عالية المخاطر في الولايات المتحدة جاءت ضمن النشرة المصرفية العربية لاتحاد المصارف العربية إن المصارف التي تقترض من المصرف المركزي الأمريكي على فوائد متدنية أقرضت بدورها الزبائن على فوائد منخفضة لكنها بالوقت نفسه فوائد متقلبة ترتفع لارتفاع الفائدة المركزية وتنخفض لانخفاضها فبعد أن كانت واحداً بالمئة 2004 أصبحت 25ر5 بالمئة قبل أن يخفضها البنك المركزي الأمريكي إلى 75ر4 بالمئة في أيلول 2007 لاحتواء أزمة ديون العقارات.

ويبين الاقتصادي والإعلامي مازن حمود الذي أعد الدراسة أن الهدف من هذه القروض هو شراء منازل لكن زيادة الطلب على العقارات أدى إلى ارتفاع أسعارها وتم رهن هذه العقارات لدى البنوك مقابل أقراض أصحابها قروضاً عالية المخاطر ومع عودة الفائدة للارتفاع بين 2004 و2007 ارتفعت تكلفة القروض وأصبح الزبائن المشكوك مسبقاً في قدرتهم على سداد الديون عاجزين عن سدادها وعندها وقعت الأزمة.

وبحسب التقديرات الأولية لسوق العقارات الأمريكية فأن القروض الميئوس من استردادها تقدر بنحو600 مليار دولار كأرقام أولية وقد لجأت البنوك إثر ذلك إلى عرض المنازل المرهونة لديها للبيع فتم عرض مئات الألوف من المنازل ما أثار موجة هبوط للأسعار كما انخفضت قيمة المستحقات للبنوك وهبطت أسهم معظم البنوك في الأسواق المالية الأميركية وغيرها.

وأسرعت البنوك المركزية وبصفتها المنقذ الأخير وإطفائي الحرائق وفي طليعتها الأمريكي المعني مباشرة بالأزمة وبنوك مركزية عالمية كيلا تصل العدوى الأمريكية إلى بنوك بلادها في ضخ مئات المليارات من الدولارات لتفادي حدوث أزمة سيولة في المصارف كنتيجة للأزمة المتمثلة في عدم استرداد القروض.

واستطاعت البنوك المركزية الأمريكي والأوروبي والكندي والبريطاني والاسترالي والياباني وغيرها أن تتفادى انفجاراً مالياً بسبب أزمة ديون العقارات إلا أن كبر حجم فقاعة العقارات يتطلب وقتاً كبيراً ليتقلص هذا الحجم وبالتالي ستكون التداعيات كثيرة ومتنوعة المخاطر.

وتتنوع الخسائر التي طالت الزبائن المعنيين بالأزمة اذ تبين أنه بين مليون وثلاثة ملايين أمريكي مهددون بخسارة بيوتهم وتم فسخ عقود ائتمان عقارية وقعت بين البنوك والزبائن تفاديا لدخولهم حلبة الخسائر بالنسبة للطرفين البنوك والزبائن ماعدا خسائر أولية لأسواق المال قدرت بنحو5000 مليار دولار كقيمة مالية.

أما البنوك الصغيرة والمتوسطة الحجم فقد أعلن عدد منها إفلاسه بينما البعض الآخر اشترته بنوك كبرى.

كما شطبت عشرات الآلاف من الوظائف من قطاعات كالبنوك ومؤسسات التمويل ووكالات العقارات إضافة إلى خسائر صناديق الاستثمار وغيرها من المؤسسات داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية.

ويشكل قطاع العقارات الأمريكي نسبة 11 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة ويمكن أن تسبب الأزمة بفقدان أربعة بالمئة من الناتج القومي الأمريكي.

ويقول الاقتصادي حمود إن الحسنة الوحيدة لهذه القروض السكنية عالية المخاطر بالنسبة للزبائن هي السماح لهم بتأخير سداد القروض وتسديد حجم الفوائد فقط.

أما بالنسبة للبنك الدائن فتكمن الإيجابية في تحديد سعر فائدة يفوق المعدل الوسطي لفائدة السوق بنحو 50 بالمئة الامر الذي يدفع البنوك إلى تقديم هذا النوع من القروض.

ويرى أن أزمة الرهن العقاري الأمريكية ربما تكون بداية لأزمات كثيرة قد تصل تداعياتها إلى الاقتصاد العالمي المترابط المصالح تعوم فيه مئات بل آلاف المليارات من الدولار من ودائع وأصول مستثمرة من جميع الجهات العربية والأجنبية.

ليست هناك تعليقات: